responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 220
الْقَضَاءَ إذَا أَفْطَرَا
ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ] فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ هُمْ الْمَرْضَى وَالْمُسَافِرِينَ إذْ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ حُكْمِهِمَا وَبَيَانُ فَرْضِهِمَا بِالِاسْمِ الْخَاصِّ لَهُمَا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِمَا بِكِنَايَةٍ عَنْهُمَا مَعَ تَقْدِيمِهِ ذِكْرِهِمَا مَنْصُوصًا مُعَيَّنًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَهُوَ غَيْرُهُ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُقِيمُونَ الْمُطِيقُونَ لِلصَّوْمِ أَنَّ الْمَرِيضَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ هُوَ الَّذِي يَخَافُ ضَرَرَ الصَّوْمِ فَكَيْفَ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِإِطَاقَةِ الصَّوْمِ وَهُوَ إنَّمَا رَخَّصَ لَهُ لِفَقْدِ الْإِطَاقَةِ وَلِلضَّرَرِ الْمَخُوفِ مِنْهُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ مِنْ قَوْله تعالى [وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] وَلَيْسَ الصَّوْمُ خَيْرًا لِلْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مَنْهِيٌّ عَنْ الصَّوْمِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ لَمْ يُرَادَا بِالْفِدْيَةِ وَأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا أَنَّ الْفِدْيَةَ مَا قَامَ مَقَامَ الشَّيْءِ وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْقَضَاءُ قَائِمٌ مَقَامَ الْفَرْضِ فَلَا يَكُونُ الْإِطْعَامُ حِينَئِذٍ فِدْيَةً وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى أنه لم يرد بالفدية المريض والمسافر بقوله تَعَالَى [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ] مَنْسُوخٌ بِمَا قَدَّمْنَا وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ كَانَ الصَّوْمَ وَأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْفِدْيَةِ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ عَنْ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الشَّيْءِ وَلَوْ كَانَ الْإِطْعَامُ مَفْرُوضًا فِي نَفْسِهِ كَالصَّوْمِ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ لَمَا كَانَ بَدَلًا كَمَا أَنَّ الْمُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ لَا يَكُونُ مَا كَفَّرَ بِهِ مِنْهَا بَدَلًا وَلَا فِدْيَةً عَنْ غَيْرِهَا وَإِنْ حُمِلَ مَعْنَاهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ لَمْ يَكُنْ مَنْسُوخًا وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى ضَمِيرٍ وَهُوَ وَعَلَى الَّذِينَ كَانُوا يُطِيقُونَهُ ثُمَّ عَجَزُوا بِالْكِبَرِ مَعَ الْيَأْسِ عَنْ الْقَضَاءِ وَغَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُ ذَلِكَ إلَّا بِاتِّفَاقٍ أَوْ تَوْقِيفٍ وَمَعَ ذَلِكَ فِيهِ إزَالَةُ اللَّفْظِ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ فِي حَمْلِهِ عَلَى ذَلِكَ إسْقَاطَ فَائِدَةِ قَوْلِهِ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] لِأَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يُطِيقُونَهُ بَعْدَ لُزُومِ الْفَرْضِ والدين لَحِقَهُمْ فَرْضُ الصَّوْمِ وَهُمْ عَاجِزُونَ عَنْهُ بِالْكِبَرِ سَوَاءً فِي حُكْمِهِ وَيُحْمَلُ مَعْنَاهُ عَلَى أَنَّ الشيخ الكبير العاجز عن الصائم المأيوس مِنْ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فَسَقَطَ فَائِدَةُ قَوْلِهِ [وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ] إذْ لَمْ يَتَعَلَّقْ فِيهِ بِذِكْرِ الْإِطَاقَةِ حُكْمٌ وَلَا مَعْنًى وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ [يُطَوَّقُونَهُ] يَحْتَمِلُ الشيخ المأيوس مِنْهُ الْقَضَاءُ مِنْ إيجَابِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ يُطَوَّقُونَهُ قَدْ اقْتَضَى تَكْلِيفَهُمْ حُكْمَ الصَّوْمِ مَعَ مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ عَلَيْهِمْ فِي فِعْلِهِ وَجَعَلَ لَهُمْ الْفِدْيَةَ قَائِمَةً مَقَامَ الصَّوْمِ فَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ إذَا كَانَ مَعْنَاهَا مَا وَصَفْنَا فَهِيَ غَيْرُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ت قمحاوي نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 220
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست